تتبع خطوات ميرلين – ج11 –

9. The Quest: البحث

 

كنت قد اشرت في مناسبة ما في احد المنشورات وربما في اكثر ان الأسطورة تعتبر تنظيما فكريا وسلوكيا واجتماعيا ، وان للرموز الأسطورية معان اكبر من سياقها القصصي.. في الفصل التاسع يصل بنا الكاتب مشرفا على نهاية الكتاب يفصلنا عن النهاية فصل أخير سنمر عليه بالغد بإذن الله ، وبرأي ان الموضوع الذي يطرحه جوردون يعتبر من المواضيع الشائكة التي تعالج قضية الاسقاطات المسيحية ومعالجتها او تمريرها للاساطير السلتية غير المسيحية المثقلة الأسطورة الارثرية او بالمجتمع الالنكليزي ككل ويلزيا كان او غيره ، وكانت تلك الاسقاطات محاولة لتخليص العقل المجتمعي من بقايا الوثنية وأيضا الى استبدال الرمزية من شكلها السلتي غير المسيحي الى الكاثوليكي للخروج برؤية او دروس مسيحية تخدم الدين وتحتوي المجتمع ضمن رؤية واحدة. لكن الكاتب كالعادة يفاجئنا باسلوبه المختصر في كثير من الفقرات بإحالة الرموز الأسطورية للارثرية الى السلتية التي سبقت المسيحية .. ((عودة الى الكأس المقس ومرجل سيريدوين)) في بداية الفصل التاسع يعالج الكاتب بالرجوع الى رمزية الكاس المقدس الذي اختفى محميا بالبحيرة وكيف هو في اصله المرجل – المرجل المستخدم في الويكا حديثا- يرجع الى فكرة الالهة السلتية سيريدوين ومرجل سيريدوين –حارسة مرجل المعرفة- هو مرجل المعرفة والالهام والولادة الجديدة اما سيريدوين فهي حاكمة عوالم الموت والخصوبة والالهام والسحر ، لها قدرة على تغيير شكلها وهي سيدة عالم الظلام والمعالجة الحكيمة وسيدة السحر والغموض ، ثم يتقدم بنا ميرلين الى انه ترك فرسان المائدة المستديرة في حالة بحث عن الكاس المقدس وهو رمز للرحلة الروحية العظيمة ، فاذا نجحو بذلك فهذا يعتبر اعظم انجاز وخدمة للملك ارثر.. وهنا ابين ان عملية البحث عن المقدس يعطي لتلك الرمزية القدسية قوة غامضة بسبب ان اللاوعي هو الذي يشحن قيمة ذلك الشيء وان وصولنا الى حضرة المقدس ذاك يعطينا قوة عظمى ، هي في حقيقتها القوة التي احاطته وشكلت حقيقته الطاقية والروحية من خلالنا نحن   وهنا يريد الكاتب ان يبين ان تاريخ الكاس المقدس يرتبط بالايمان بوجوده ، والكأس او غيره من الأشياء في الاساطير السابقة كانه عبارة عن (هدية) تقدم للبطل الخارق الذي يمنح جراء بطولته وشجاعته والبدء في الحكايات الأسطورية وتشعباتها اعظم من نهاياتها فالسعي للبحث له جمالية اكبر من انتهاء البحث وإعلان بطولة البطل. ((الكأس كإختراع كنسي لتنظيم اخلاق الفروسية)) في تلك العصور التي لم يكون فيها شيء مميز عانت المسيحية بدورها من شراسة الواقع والفئات المجتمعة الخارجة من الوثنية في اوربا او التي لازالت تحمل الفكر الوثني ، إضافة للهمجية التي سادت في كثير من الأراضي والجماعات حيث انه سادة مناوشات شرسة بين العصابات وبعض الفئات ، فكان لابد ان يسن قانون ليس مكتوبا او صادرا عبر التاج الملكي انما يمرر باسم اعلى واعظم ، من خلال هذا القانون يمكن تنظيم المجتمع كفرسان لايقتتلون بينهم انما يوضع امامه رمز مقدس من خلال ذلك الرموز تقوم الكنيسة بوضع القوانين الأخلاقية والتعاليم والوصايا والمحاذير ، فكان الكاس المقدس اكثر عنصر نظم بالكامل اخلاقيات الفروسية في بدايات المسيحية في اوربا. لكن اجد ان المرجل الميرليني السلتي كان اكثر مقاومة من ان يندثر رغم المساعي الكنسية لاستبداله بالكأس المقدس..


اكتشاف المزيد من شريف هزاع

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.