تتبع خطوات ميرلين – ج4 –

1. Portrait of a Wizard: صورة الساحر

كنت قد ذكرت انني سوف امر على مادة القسم الثاني قبل الأول في مقالاتي التعريفية بكتاب ميرلين لجوردون وتحليلي في هذا المنشور سيتناول المبحث الأول من الكتاب.. لكن قبل هذا ساتخذ الطريقة التشويقية التي تلائم البعض وارجع قليلا الى اكمال صورة للساحر ميرلين بهذه الاسطر التي ليس لها أي دلالة اثارية انما هي ساعتبرها سينمائية تجمل استعراضي للكتاب علما ان القصص الحكائية الارثرية تحمل كما من الرموز الفلسفية والفكرية الهامة.. ولد ميرلين الملقب بسيد السحر في بريطانيا في مقاطعة ويلز في القرن السادس الميلادي، نشأ في الغابات وبين الطبيعة يقال انه ابن عنصر الهواء وامه كاهنة اسمها (إلدان) تميز بطفولة غير عادية وكانت على يديه بعض الأمور التي تفوق الوصف وخارقة للطبيعة ، لم يكون في بداية عمره ممتهنا لعلوم السحر والتنجيم فذهب ليتتلمذ على يد الساحر (بليز) ثم فيما بعد اصبح مستشارا مقربا للملك ارثر وساعده في توحيد بريطانيا والحاق الهزيمة باعدائه وذهب الى سيدة البحيرة الحكيمة (نيمو) التي كان لها دور في اعداد احد فرسان المائدة المستديرة وهو ابنها الأمير لانسلوت ، ولسيدة البحيرة دور بارز في القصص الارثرية فهي التي اعطته السيف الشهير (إكسكاليبور) والذي استرجعته بعد موت الملك ارثر ورمته في البحيرة ليختفي.. بعد ان توفي الملك ارثر اختفى ميرلين من الوجود ولم يعثر عن اثر له بتاتا ويقال انه اتخذ من كهوف الجبال موطنا للرجوع في الوقت المناسب لهذا العالم مجددا.. اليست قصة مشوقة ؟! ربما هي كذلك الا انها تحوي الكثير من الرموز والاسقاطات الفكرية والفلسفية والتفسيرية والحديث عنها يطول.. لنأتي الى استعراض هذا القسم من الكتاب ، لنأخذ صورة واضحة لميرلين على انه اول واهم ساحر في العالم الغربي وشخصية مركزية في الاساطير البريطانية والقصص الارثرية ، يعتبر تجسيدا للساحر المثالي الذي يمتلك العديد من الطاقات الخارقة فهو شاماني له قدرة على التواصل مع الحيوانات وارواح الطبيعة والغابات والسفر عبر الزمن ، وحكيم ، خيميائي متحكم بالعناصر…الخ وهنا نقف على اول سطر من كتاب جوردون حين قال :- ميرلين هو أول ممارس للفن السحري… هذا الرأي لايعتبر حقيقيا بالتأكيد انما يريد منه اظهار مكانة ميرلين في البقعة البريطانية حصرا سيما انه مدرك تماما انه لو اعتبرنا ميرلين شخصية حقيقية فإن تاريخها محدد بالملك ارثر والكاتب يدرك من هم الذين سبقوه وماهي قوتهم ومكانتهم ، الدرويد والمفاهيم الوثنية التي سبقت ميرلين في السلتية او تأثر الممالك الإنكليزية بالافكار الشمالية والجنوبية والجرمانية والرومانية وغيرها .. كانت هي الاولى ، اردف قائلا جملة هامة هي:- ان ميرلين لعب دور هام في اللاوعي البريطاني وتشكيل الوعي ويتناول مفهوم السحر فلسفيا من حيث التكوين العام ويعالج قضية العلاقة بين الصوفية والساحر ، ولايقصد بها الصوفية التي تنتمي الى دين انما الى الفكر العرفاني الغنوصي ، فالصوفي يسمح لكل شيء ان يحدث دون تدخل في مساره بينما الساحر يعمل على تحقيق غايات محددة باستخدام قوة الإرادة. لكن كلاهما بنظر الكاتب يصلان الى هدف واحد هو (الإرادة الإلهية) وان ميرلين هو شخصية تعمل وفق إرادة بشرية وليس بمسار صوفي بحت.. ينوه الكاتب في إشارة اجدها معالجة لقضية الصوفي والساحر ان الساحر الأكثر خبرة يمكن أن يفشل في مهمة سحرية أو في اتخاذ قرار خاطيء ، فما تريده يجب أن يتوافق مع الإرادة الإلهية بكل الأحوال وان يكون متوافقا مع السنن الكونية واذا كانت الارادة الإلهية او الكون ضد الساحر فلن يقدر عمل أي شيء حيال ذلك وهنا يرجعنا الى اختيار اللحظة المناسبة للفعل كي لايكون طلبك خاطئا لان الإرادة الإلهية هي من تقرر تمرير الأشياء والافعال ان تحدث في الوجود.. ينتقل بنا جوردون الى القبعة المدببة المنحنية بزاوية معينة مع عصا باليد ، وهي الصورة التي أصبحت ثيم او علامة ثابتة يفهم منها شخصية من يرتديها وينتقل بنا الى تثبيت تاريخي واثاري هو ان كهنة الزرادشتية كان هذا لباسهم مصطلح Magos جاءت من كلمة يونانية اطلقت على الزرادشتيين من قبل جنود الاسكندر الأكبر وهي مشتقة من الكلمة الفارسية Magu والتي تعني (كاهن) ثم اطلقت على الكاهن والساحر فانتقلت الكلمة الى اليونانية ثم الى اللاتينية وأصبحت صيغة Magu الى Magus كاهن ثم اشتق منها كلمة Magic و Magician التي تدل على سحر و ساحر. الإشارة الثانية التي سلط الضوء عليها الكاتب هي جلد الذئب والطوطمية وحيوان القوة في الشامانية وان ميرلين كان يستخدم جلد الذئب في ملبسه..