الفيري والجنيات الطائرة fairies

نحن من نحدد القيمة ، وليس القيمة محمولة بموضوع خارجي ، منها شخصية فيري(fairie- fairy) التي دوما كنا نشاهدها ونحن اطفال في افلام كارتون وهي تحمل عصا سحرية ، توقف الشر وتحول الاحداث السيئة الى سعيدة ، تقف معنا وترشدنا وتلهمنا .

عقلنا اللاوعي يجسد الافكار من عالم الخيال الى عالم المثال ، الامر هذا -الجنيات – كان ضمن معطيات الثورة الصناعية في اوربا وصعود مايمكن ان نسميه (التمرد الرومانسي) الذي اعترض على الفلسفة العقلانية بكل معطياتها ، وحسب علم الاجتماع فمشروع -ضخ فكرة الجنيات – هو معالجة مدنية لانتقال وتغيرات الوضع الريفي الاوربي وانصهاره بالمدنية الصناعية..

بكل الاحوال لا اريد التشعب بهذا لانه طويل ، لكن انا هنا ارصد ولادة الفكرة او تطويعها اجترارا من الماضي او الفلكلور الحكائي وحتى الاسطوري ، كما في الاسطورة النوردية او الفلكلور الجرماني والسلتي وحياكة مثل هذه القصص التي تغذي المخيلة او تردم الهوة العقدية والنفسية.

لم تكن الثورة الصناعية برأي قد اخترعت الفيري انما جلبتها من الماضي واعادة صياغتها ، وهذا مايعنينا هنا الان هو المقارنة بين فكرة الفيري – الجنيات الطائرة الصغيرة في الخرافات القديمة او حكايات احدى العوالم ال9 للاسطورة الاسكندنافية وهو عالم الجن ، كما ان دور المسيحية بعد دخولها اوربا كان لها اثر بالغ في الحد من تداول مفهوم الفيري كونه مرتبط بما قبل المسيحية.

الجنيات الصغيرة الطائرة يرتبطون بالطبيعة ، ولديهم قوى سحرية ، كما انهم يميلون إلى التدخل في شؤون البشر عاشوا في عالمنا ، لكن البشر الذين استخدموا أسلحة حديدية طردوهم إلى عالم خاص بهم ، لا يزال من الممكن العثور على بعضهم في الغابات المظلمة والجبال الشاهقة والمياه العميقة ، فما سر الحديد هنا

الادوات المصنوعة من الحديد تسبب للجنيات توترا بسبب انبعاث رائحة كريهة من الحديد يشمونها ولانشمها نحن ، والحديد لايقتلهم هنا كما هو شائع ، كان الناس يُعلقون حدوة حصان حديدية على أبواب منازلهم لاعتقادهم انها تطرد وتبعد الجنيات الشريرة لكنه في الحقيقة يبعد الطيب منهم ايضاً .

مصطلح الجان -الجنية- يشمل مجموعة واسعة من الكائنات السحرية التي وردت في الأساطير والفولكلور الاوربي القديم وهو غالباً ما تيرتبط بالطبيعة كونه مأخوذ من السلتية كمفهوم ويتمتع بقدرات خارقة للطبيعة ، يختلف تعريف الجنية باختلاف الثقافة والشعوب والفلكلور والحقبة الزمنية ، لذا مختلف بسماتها أو أدوارها.

كان للثقافة السلتية دور كبير في صياغة القصص والحكايات الاوربية واهتم بها الكتاب في العصر الفيكتوري في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وبدأوا يكتبون عنها بإسهاب ، وأدخلوا مصطلح “الجنية” لوصف جميع الكائنات الخارقة للطبيعة في الفولكلور السلتي ، ومن هنا اصبح المصطلح اكثر شيوعاً بسبب قصص وحكايات الجنيات التي ابتكرها الكتاب في العصر الفيكتوري التي وجهت للاطفال ويصفونها (روح) أو كائن خارق للطبيعة.

تعيش الجنيات في عالم منفصل عن عالم البشر ، لعالم الجنيات قواعده الخاصة فيما يتعلق بالحجم والشكل ، وقضية القبح والجمال امر نركز عليه كثيراً ونفضل الجميل منهم ، لكن الشكل القبيح وا الكبير بالسن بالهيئة والجسم امر يتعلق بهم وليس ضمن معايرنا ، فقضية الشكل الذي نرفضه ليس مبني على رغباتنا بالاصل انما هو امر يتعلق بهم وهم يستمتعون به ، كما ان بعضها يتخذ شكل حيوانات أو نباتات ، معظمهن قادرات على تغيير مظهرهن ليظهرن بأي شكل يرغبن به كبير كالعمالقة او صغير بحجم طبق الشاي.

التقسيم النوردي كان موازيا ومطابقا للتقسيم الذي يقول بالقسم النوراني الخير والقسم الظلماني الشرير ، فمثلا نجد في تصنيفاتهم الاسطورية الاقزام والجان والمتشيطن والعابث والعفريت والشبح …الخ ما اريده في مقدمتي هذه هو التعليق على نظامنا الاعتقادي والفكري هو اننا لانرى او لنقل اننا نستبعد في حكايانا الجانب النوري ونعزز ونضخم بقصصنا القديمة الجانب الظلامي فنحن بهذا ننشيء كتلة الخوف اللزجة التي تعلق بادمغتنا حتى لو تحلينا بالشجاعة.

محمول التراث الحكائي الشعبي عندنا مثقل بالرعب والخوف ، نحن اطرنا اوهام مشروعنا الخرافي وصدقناه وعشناه بالريبة والالتفات الى الخلف من تابع نعتقده ورائنا ، فنخاف ظلنا رعباً ، للحظة ليغيب العقل دهراً.

الجن والعفريت في خرافاتنا تجسيد للشر والخوف والرعب ، والعفريت في مكان اخر غير بيئتنا ، مولد للخير… الاسطورة قد تكون وهما على الارجح علميا ولاتعتبر ضمن الاقيسة المنطقية في الاستدلال والحكم ، لذا انا لا ادعوك لحشو غير مبرر عملياً او غير موجودة على ارض الواقع المادي ، الا ان الكثير من الخرافات تعشعش في ادمغة البعض ، لا املك القدرة على نزعها من رأسهم ابدا ، ولكن لما لا نفكر انها ليست شراً..

 

* الجنية (فيري) هي نوع من خرافات المخلوقات الأسطورية في الفلكلور الأوروبي (وخاصة الحضارة السلتية والسلافية والألمانية والإنجليزية والفرنسية) وهي شكل من أشكال الروح، غالباً ما توصف بأنها روح ميتافيزيقية أو فوق طبيعية أو خارقة للعادة.

كما جاء تعريفها في موسوعة ويكبيديا

ملخص المنشور

  • لم تكن الثورة الصناعية برأي قد اخترعت الفيري انما جلبتها من الماضي واعادة صياغتها ، وهذا مايعنينا هنا الان هو المقارنة بين فكرة الفيري – الجنيات الطائرة الصغيرة في الخرافات القديمة او حكايات احدى العوالم ال9 للاسطورة الاسكندنافية وهو عالم الجن ، كما ان دور المسيحية بعد دخولها اوربا كان لها اثر بالغ في الحد من تداول مفهوم الفيري كونه مرتبط بما قبل المسيحية.
  • الجنيات الصغيرة الطائرة يرتبطون بالطبيعة ، ولديهم قوى سحرية ، كما انهم يميلون إلى التدخل في شؤون البشر عاشوا في عالمنا ، لكن البشر الذين استخدموا أسلحة حديدية طردوهم إلى عالم خاص بهم ، لا يزال من الممكن العثور على بعضهم في الغابات المظلمة والجبال الشاهقة والمياه العميقة ، فما سر الحديد هنا.
  • كان للثقافة السلتية دور كبير في صياغة القصص والحكايات الاوربية واهتم بها الكتاب في العصر الفيكتوري في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وبدأوا يكتبون عنها بإسهاب ، وأدخلوا مصطلح “الجنية” لوصف جميع الكائنات الخارقة للطبيعة في الفولكلور السلتي ، ومن هنا اصبح المصطلح اكثر شيوعاً بسبب قصص وحكايات الجنيات التي ابتكرها الكتاب في العصر الفيكتوري التي وجهت للاطفال ويصفونها (روح) أو كائن خارق للطبيعة.
  • عقلنا اللاوعي يجسد الافكار من عالم الخيال الى عالم المثال ، الامر هذا -الجنيات – كان ضمن معطيات الثورة الصناعية في اوربا وصعود مايمكن ان نسميه (التمرد الرومانسي) الذي اعترض على الفلسفة العقلانية بكل معطياتها ، وحسب علم الاجتماع فمشروع -ضخ فكرة الجنيات – هو معالجة مدنية لانتقال وتغيرات الوضع الريفي الاوربي وانصهاره بالمدنية الصناعية.
  • مصطلح الجان -الجنية- يشمل مجموعة واسعة من الكائنات السحرية التي وردت في الأساطير والفولكلور الاوربي القديم وهو غالباً ما تيرتبط بالطبيعة كونه مأخوذ من السلتية كمفهوم ويتمتع بقدرات خارقة للطبيعة ، يختلف تعريف الجنية باختلاف الثقافة والشعوب والفلكلور والحقبة الزمنية ، لذا مختلف بسماتها أو أدوارها.

اكتشاف المزيد من شريف هزاع

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.