في عصرنا الرقمي بات هناك ازدياد كبير ومتسارع في توثيق كل شيء يخصنا من الصور العديد لنا ولاقاربنا واصدقائنا وبعض الأشخاص في الشارع وصور السيلفي الكثيرة وسفرنا وطعامنا …الخ هذا التركيز المتطرف في تخزين الذكريات هو تشويها للذاكرة في العيش (الان) لتتحول الى العيش في (الماضي) فكل تكوينات الحاضر ليست ذات أهمية الا ما قررت ان توثقه لتخزنه في هاتفك ، لتراه لاحقا او بعد مرور أعوام ، لكن تفاصيل الحاضر في اللقطة لن تتجاوز اللقطة التي قمت بأخذها وحفظها ، هذه الرؤية المتأخرة هي التي تعطينا متعة الحنين للماضي بتفاصيله وفشلنا الذريع في ان نعيش الحاضر ، وفي (الميتافعل) هو نوع عدم الوثوق بالذاكرة البشرية ومقاومة التهديد في نسيان التفاصيل فيعطي للدماغ ايعازا برمجيا اننا في مسار اندثار الذاكرة والنسيان وان توثيقنا هو خط الأمان الوحيد للبقاء بذاكرة لاتضعف ، لكنها من حيث الحقيقة ذاكرة الانعكاس الشرطي كما كلاب بافلوف ، المحفز – الايعاز – النتيجة..
هذا الفعل في اكتناز الذاكرة الرقمية هو الخوف الضمني اننا نحتاج ذاكرتنا في المستقبل ولكن رجوعا الى الميتافعل فاننا نبرمج العقل هنا انه ضعيف في الذاكرة وان عملية التذكر مقترنة بالانعكاس الشرطي ، فلنفرض معا افتراضا ان الذاكرة الرقمية التي خزناها تعرضت للعطب ، فما هو الباقي في الذاكرة البشرية؟
الانسان المعاصر كائن مؤرشف يملك فقط بعد زماني ثنائي (ماضي ومستقبل) يعيش الماضي ويأمل ان يبقى يعيشه في المستقبل لكن معادلة الزمان غير مكتملة لان الان لم يعيشه كالان..
اكتشاف المزيد من شريف هزاع
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

