خدعة ام حلوى- Trick-or-treating

خلال مطالعتي في مايخص التقاليد القديمة خرافية كانت او اسطورية او شعبية فلكلورية وجدت اسقاطات غريبة في فهمنا للظواهر والاحداث ، واننا في كثير من الاحيان لانتسم بالحيادية في فهمنا لتلك الامور .

علينا ان تنطلق من دراسة الشيء بعيدا عن قاعدة الرفض او القبول انما بقلم تجريدي يوضح لنا اصل الشيء وجذره وماهيته وتكوينه ، اما قضية رفضه وقبوله فهو شأن اخر يأتي بعد البحث ، ولكن لاتنطلق من تلك القاعدة والا هذا سينسف الحيادية ، حين اعرض احد المواضيع هنا فانا احاول ان ادرس الامور بتجريد بالغ ، وهذا ليس بالضرورة ايماناً بمادة ما اكتب بل ايماناً ان البحوث عندي يجب ان تكون معلمنة وقضية التقليد من قبل فئة واخرى لاتعنيني ، وربما يعنيني كيف يفهم البعض الاشياء ويسقطون عليها افكارهم المسبقة.

كنت سابقا قد طالعت مقالات حول الهالوين وقيم الرفض التي انطلق منها الكاتب كونها مخالفة لمعايير ديننا الاسلامي ، ولكن هذا ايضا ينطبق على القلم الكنسي الرافض للهالوين ، ولكن الشيء الملفت للنظر ان تجد تعزيز الرفض ياتي باسقاط وصب كثير من الامور التي ليس من اصل الشيء ، مثل ان ندخل الماسونية بالهالوين باعتبار ان الماسونية شر والهالوين عيد للشر …الخ.
ارجع للاسقاطات التي يمكن ان تنزلق منا في فهم الامور ، علينا ان نطالع الامر بشكل مبوب الى اقسام وان لانخلط بينهما ابدا فلا نسقط شيء لفهم الثاني وتعريفه..

نحن نرى الهالوين على انه حدث محمل بمحمول تاريخي له جذور ومعتقدات قد لاتلائم معتقدنا الاسلامي ولا حتى المعتقد الكنسي وكلاهما يعتبرانه احتفالا بالشر ،…هنا الموضوع انتهى فلا داع ان يكون متحكماً في عرضنا للحقائق والتواريخ والاحداث فيكون هو موشور مفسر.

الأصول القديمة للحلوى أو الهالوين حيث تعود جذور عيد الهالوين إلى مهرجان سامهاين السلتي القديم، الذي يعود تاريخه إلى ما قبل المسيحية ، والذي كان يُحتفل به ليلة 31 أكتوبر. كان السلتيون ، الذين عاشوا قبل دخول المسيحية في المنطقة التي تُعرف الآن بإيرلندا والمملكة المتحدة وشمال فرنسا ، يعتقدون أن الموتى يعودون إلى الأرض في سامهاين في تلك الليلة المقدسة.

ارجع هنا لاصل الاحتفال وجذوره المؤسسة لنجده ينطلق من اعتقاد اخذت بها دول في شمال اوربا والسلتية (القرن السادس ق.م) وكهان يسمون (درويد) وان الاحتفال هو عيد رأس السنة السلتية هو اول شهر بالتقويم السلتي المكون من اقسام مركزية توزع عليها الاشهر والتواريخ ، وتبدا السنة الجديدة بالانتقال من ليلة ٣١ اكتوبر الى ١ نوفمبر -عيد Samhain- وهو استقبال الشتاء القادم والحياة الجديدة التي تنبلج من رحم الموت والعدم وان وجودنا محاط بالارواح صالحها وطالحها ، نستأنس بارواح الصالحين وارشادهم لنا ونتوخى عدم الاحتكاك بالارواح الشريرة لما فيه من الم وخراب…الخ.

في سامهاين، كان القرويون يتنكرون في أزياء مصنوعة من جلود الحيوانات لطرد الزوار الوهميين ؛ وتم إعداد طاولات الولائم وترك الطعام في الخارج لتهدئة الأرواح غير المرغوب فيها ، وفي القرون اللاحقة ، بدأ الناس يرتدون ملابس الأشباح والشياطين وغيرها من المخلوقات الشريرة ، ويؤدون حركات بهلوانية مقابل الطعام والشراب تعود هذه العادة، المعروفة باسم “المومياء”، إلى العصور الوسطى ، ويُعتقد أنها سابقة لـ”خدعة أم حلوى”.

امتزجت المسيحية بشكل كامل مع الثقافات الوثنية والطقوس القديمة وحلت محلها اعياد وطقوس مسيحية وفي عام 1000 ميلادي، خصصت الكنيسة يوم 2 نوفمبر يوماً لتكريم الموتى. كانت الاحتفالات في إنجلترا تشبه احتفالات السلت بذكرى سامهاين بالضبط، بما فيها من إشعال النيران وإقامة الحفلات التنكرية.

نأتي الى الحلوى والطعام ، كان الفقراء يزورون منازل العائلات الثرية ويتلقون معجنات تُسمى (كعكات الروح) مقابل وعد بالدعاء لأرواح أقارب أصحاب المنازل المتوفين ، وعُرف هذا التقليد باسم “الدعاء بالروح”، وقد تبناه الأطفال لاحقاً، فكانوا يطرقون الأبواب طالبين هدايا كالطعام والمال.

ننتقل الى اسكتلندا وأيرلندا ، كان الشباب يشاركون في تقليد يُسمى “التخفي”، حيث يرتدون أزياءً ويقبلون قرابين من مختلف الأسر ، وبدلا من التعهد بالصلاة من أجل الموتى ، كانوا يُغنون أغنية ، أو يُلقون قصيدة ، أو يلقون نكتة، أو يُؤدون نوعًا آخر من “الخدع” قبل استلام هداياهم ، والتي كانت تتكون عادةً من الفاكهة أو المكسرات أو العملات المعدنية.

في النهاية انا هنا في تناولي موضوع الهالوين او غيره من الامور وابحث باهتمام في الاسطورة والخرافة و الانثربولوجيا والتواريخ وفلكلور العهود القديمة والتقاليد المؤسسة للافكار والسلوكيات والحوادث التاريخية التي وقعت او حدثت او جذورها الاولى ، والفعل الذي وقع بالزمن هو من الثوابت واننا ننظر له على انه امر تاريخي ، قد تؤول الحوادث وتفسر عرضيا الا انها لاتتغير جوهريا ، وانا حين اشرت لعيد رأس السنة السلتية والهالوين والنار واليقطين ، لست بالضرورة هالوينياً او درويدياً عتيقاً.

للمزيد عن الهالوين وقرع اليقطين طالع هذا المقال

ملخص المنشور

  • للمزيد عن الهالوين وقرع اليقطين طالع هذا المقال.

اكتشاف المزيد من شريف هزاع

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.