عصر الـGpt وافول العقل البشري
منذ وقت قريب نصحني احد الاصدقاء بالـGpt باعتبار انه لغة العصر الحديث وانه سيختصر لي الزمن والجهد في البحث وجمع المعلومات في امور تتعلق بمتفرقات عملي ، وانا مؤمن بالتجريبية على انها جزء هام من التحصيل العقلي في معرفة الاشياء ، ومن هذا المنطلق بدأت الرحلة..
في اليوم الذي دخلت الى معرفة وسبر اغوار الذكاء الاصطناعي اذكر انني بالضبط انشغلت فيه كثيرا ذلك اليوم فبقيت 6 ساعات متواصلة اعمل دون شعور بالوقت حقيقة فهو عالم مدهش وغريب ولانه جديد كان هناك شيء من المتعة بالتأكيد وكنت اطرح الاسئلة والاسئلة دون توقف ، في البدء كنت اسأل عن امور اجهلها وكنت انسخ الاجوبة في الملاحظات في هاتفي واعتبرت ان ذلك كنز ثمين حيث انني اعتقدت فورا انه اختصر لي جهدا وزمنا في المطالعة او البحث او اقتناء الكتب لذا لم اشعر بالزمن ، ارتحت قليلا وعاودت العمل مجددا وشكرت بقلبي جون لوك رائد الفلسفة التجريبية الذي انطلقت من ارضيته الصلبة.. لكن بعد الساعة الخامسة ، سرحت بفكري قليلا وبدا العقل يبرز هذه المرة رافضا الوقوع بمسلمات صحة وحجج الذكاء ذاك باعتبار ان الذكاء الاصطناعي هو مجموعة برمجيات وظفت لجمع معلومات من كل محركات البحث وتنظيمها وجدولتها ، اذن فهو بالبداية كان جهدا بشريا ولكن قدم لنا بصيغة من لغة العصر الحديث ..
ماذا لو نحيت لوك قليلا ، لاستضيف ديكارت بادواته الشكية وبناء نسقية من العلم وفق مقرره في بناء العلوم ، كيف؟
لتكن الاسئلة المطروحة ليس بما اجهله بل بما اعرفه ليس كعقل نقدي او تحليلي بل بشيء ليس فيه جدال ورأي اخر ، المسلمات ؟ البديهيات؟التاريخيات؟ ماذا لو طرحت الاسئلة العقلية التي انا نفسي اؤمن واقاتل فيها بشراسة؟ واعقد حوار معه -Gpt- بين مسلماته ودواحضه ، وبين مسلماتي وحججي ..
ومن هنا بدأت القصة..
في اسطري الاولى اريد ان ابين اننا اذا اخذنا الذكاء الاصطناعي على انه يقدم معرفة لايأتيها الباطل فاننا وقعنا بالفخ لان هذا محو لهويتنا المتبقية في التفكير والتحليل والاستقراء والاستدلال لانه سنأخذ مايقوله على انه مسلمات ومعارف فوق الشبهات ، والان اتي الى ثانيا لاؤكد على اننا يجب ان نتعامل معه ونحن نملك ادواتنا العقلية والتحليلية والا يستحوذ علينا بالكامل ليعطل عقولنا فنتحول الى حالة التراكم المعرفي المليء بالاخطاء .. وقد جربت هذا بنفسي حين قررت ان اساله اسئلة طبية التي لو اخذناها على محمل الجد فاننا سنرتكب حماقات كبرى لست بطبيب لاحاوره ولكني ارفض ان اخذ وصفات وتشخيص طبي منه ، لكن لو تكلمت بمعلومات امام ناس غير اطباء سيقسمون اني دكتور ، بس لو حكيتها بوجود طبيب اصير اضحوكة..
مايقوم به الذكاء الاصطناعي؟
يعدل دوما من اخطاءه ويبني معلوماته وماتصححه له يضمه الى بياناته ويستمر بهذا الشكل ، فحين تصحح له يقوم بالغاء جوابه من الداتا ويستبدله بالجواب الادق صحة.
ما اقصده هنا ان جوابه الخاطيء بهذا اليوم سيعدل بظرف اسابيع او اشهر حسب ماينشر بالشبكة ومن ثم يصل اللاخطاء تقريبا ، ولكن ماذا يعني اننا ناخذ منه قبل تصحيح الاخطاء؟
لنتخيل الان شخص استهلك ساعات مماثلة معه ليستفهم عن شي ، وجمع تلك الاجوبة وجاء بها امام احدهم وهو لايعلم الكم الذي في تلك المعلومات من اخطاء وان عقله توقف عند جمع المعلومات وفن النقر على لوحة المفاتيح ليس اكثر؟!
اين التحليل وقوة الربط والنقد والتفنيد والتصحيح والصياغة الخ انه يورثنا الكسل العقلي ، وصدقني ممكن ان يذهب احدهم لسؤاله:-
كيف اغلق الباب بدون ان استخدم ايدي؟
فسيقترح له:-
حلول تقنية👇
اخلع الباب
اعمل باب كهربائي
حلول ذاتية👇
ممكن تغلقه برجلك
ممكن تغلقه براسك
ممكن تغلقه ب..
لارجع الى حالة الوصول للاخطاء ، التي ذكرتها ، من الخطاء تقريرها جزما انها ستحدث بل علينا ان نقول انها ممكنة الحدوث فتكون معلقة ، علينا دوما ان نعتبره قابل للخطاء ونبقي العقل يعمل بادواته وان لانعتبره اداتنا العقلية الوحيدة لان هذا الاجراء سيؤول بالنهاية ان يتحول الى مقدس ومؤله ولست بصدد نقد الاديان والاستهزاء بها ابدا ، لكن اقول هناك من يعبد البقرة منذ الاف السنين ، بس عيب كثير انه يقرر احدهم بسبب التطور خلال السنوات القادمة ان يصير جحش يعبد جحش!
اخيرا🙏
الصور في منشوري تكفي ، وقبل نهاية الساعة السادسة سألته من هو شريف هزاع فقال:-
انه شخص يعيش في كاليفورنيا.. قفلت موبايل لاني كنت بحاجة الى النوم وبين النوم واليقظة رددت الكوجيتو الديكارتي لاغرق بالنوم ..
انا في العراق اذن لست بامريكا
وانتهى عصر الغباء الاصطناعي ، افضل ان اعيش تجربة المعرفة والصح والخطا بجهدي على ان اسلم عقلي للGpt
ملاحظة:-
صحح معلوماته عن شريف هزاع معتمدا على مانشر بالشبكة كوني سالته سابقا ، فقام بالرجوع الى الشبكة …. الا انه حتى يجهل اين اعيش ولست بمزاج لادخل له واقول:-
لازال يعيش بامريكا لكنه انتقل الى بوسطن🙃
اكتشاف المزيد من شريف هزاع
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

